fbpx
الزوجية والعاطفية

اللطف, لَا تكن لطيفًا أكثر منَ اللّازم

إنّ اللطف كقيمة إنسانيّة أمر مطلوبٌ حتمًا. ولكن القاعدة المُتعارفِ عليها تقولُ: إذا زاد الشّيءُ عن حدّه انقلبَ إلى ضدّه، وقد تغدو محاولاتك لإرضاء أحبابكَ والآخرين مشكلة.

فأن تكون لطيفًا دائمًا وتحاول باستمرارٍ إرضاء الجميع يجعلك تشعرُ بالضّعفِ. لأنّ كونك لطيفًا يجعلك تكذب أحيانًا.
وقد بيّن الكاتبُ ديوك روبنسون الأخطاء غير الواعية التي يقع فيها الشّخص الذي يبالغُ في اللطف. كمَا طرح نصائحَ لتصحيحِها.

يشير الكاتبُ إلى أنّ اللّطفاء عادةً ما يحمّلون أنفسهم فوق ما يُطيقون. لأنّهم يسعون إلى إعطاء الآخرين صورةً مثاليّةً عنهم، متناسين أنّهم بشر وطاقاتهم محدودة.

ويدعُو الكاتبُ الشّخص اللّطيف إلى التّفكير جيّدًا قبلَ قبولِ أيّة مهمّة يُكلّف بها، وأن يجتنب الأشخاصَ الذين يوهمونه أنّهم مثاليٌّ. ويكون ذلك بحسب وجهةِ نظر الكاتب بثلاث خطوات:


• التّعامل بما يُناسب كلّ علاقة، فزوجتك مثلًا ليست رئيسك في العمل. والعكس صحيح.
• تقبّل الفشل والاعتذار إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
• إذا رفض الآخرون اعتذارك فينبغي أن تفهمهم أنّك مهتمّ بشأنهم ولكن ليس بالإمكان تلبية طلبهم.

السّؤال الآن: هل يمكن اعتبار حبّ الكمال عيبًا؟

يرى الكاتبُ أنّ نزعة الكمالِ التي تكون في اللطف و الشّخص اللّطيف هي من أكبر الأخطاء التي تفرض عليه ضغوطًا. ممّا يتطلّب منه جهدًا كبيرًا لإثبات ذاته. وتنفيذ جميع المهام على أكمل وجه. إضافة إلى السّعي لإرضاء الآخرين.
فالسّعي للكمالِ ليس عيبًا في حدّ ذاته. ولكنّه يصبح خطأ عندما تضطرّ الأشخاص اللّطفاء إلى وضع معايير غير حقيقيّة لأنفسهم. أو تُحمّلهم ما لا يطيقون من مجهود أو وقتٍ أو مال.


وعليه فإنّ أوّل خطوةٍ لإصلاحِ هذا الخطأ تتمثّل في الإقرار بأنّه لا كمال في البشرِ، ولذلك ينبغي علينا تحمّل النّقص فينا، فندرك أنّ الكمال ليس هو السّبيل الوحيد لنيل رضى الآخرين.

ويوضّح الكاتبُ أنّ اللّطف عادةً ما يوقعنا في مأزق. فنحنُ إمّا أن نرفض طلب شخص عزيز فنشعر بعدها بالذّنب. وإمّا أن نحاول تلبيةَ جميع ما يُطلب منّا فنستنزف طاقاتنا.


وللتّخلّص من ذلك ينبغي تقول «لا» لأيّ مهمّة لا تناسبك، أو ليس لديك الوقت للقيام بها. أو ربّما حتّى لا تستمتع بها لأنها، ستكون عبئًا عليك. وأيضا لا تقبل بأيّ مهمّة إلّا بعد دراستها، والتّفكير جيّدًا. فلا تقبل بأيّ أمر يعرض عليك فورًا ولكن تريّث وقل: سأفكّر في الأمر وأردّ عليك.


ثمّ هذ بضع دقائق للتّفكير قبل أن تقطع أيّ وعد، بعدها وإذا قبلت بمهمّة ما فكن مستعدًّا للتّخلّي عن أحد التزاماتك، وضع في حسبانك وقتا للطوارئ والمقاطعة. ولا تخجل من طلب المساعدة إذا تطلّب الأمر ذلك.

يظنّ اللّطفاء أنّ التّعبير عن غضبهم خطأ. لذلك يخافون من إظهار مشاعر الاستياء والغضب للآخرين. معتقدين أن ذلك سيحافظ على صورتهم المثاليّة في أعين الآخرين. وهذا غير صحيح. فإظهار الغضب قد يساهم في تحسين علاقاتك بالنّاس. والأهمّ من ذلك كلّه أنّ التّعبير عن الغضب يزيل الصّراع القائم داخلك بين كبت الغضب أو خسارة علاقاتك بالآخرين.

نصائح في اللطف:


وهنا ينصح الكاتب اللّطفاء بالتّعبير عن غضبهم للأشخاص الذين تسبّبوا بإغضابهم، وليس لغيرهم كأن يعاقبك رئيسك في العمل فتكتم غضبك. وحين عودتك إلى المنزل تصبّ جام غضبك على زوجتك أو عائلتك.
عليك أن تخبر من أساء إليك بما تشعر به. فتعبّر له عن استيائك من فعله وليس من شخصه. ثمّ توضّح له ما تريده منه لإزالة غضبك.
والدّعوة إلى إظهار الغضب وعدم كبته لا تعني أن تثور كالبركان. ولكن كلّ ما عليك فعله أن تُبدي للآخرين أنّ ما فعلوه يضايقك حتّى لا يتكرّر.

بما يخص اللطف, يقع الأشخاص اللّطفاء عادةً ضحيّة لخيارين: إمّا قول الحقيقة والتي قد تكون جارحة لمحدّثهم. أو يضطرّون للمجاملة فيقمعون رغبتهم في المصارحة.


وينصح الكاتب بالتّفكير في المشكلة من وجهةِ نظر أنّها مشكلتك أنت لا الآخرين، فأنت الذي يخشى من مصارحتهم بعيوبهم فيخيب ظنّهم بك.


ولكي تحسن التّعامل مع هذا الموقف فينبغي أن تبدأ الحديث معربًا عن احترامك وتقديرك للمجهود الذي بذله. ثمّ صارحه بأنّك لا تحبّ أن تجرحه. ولكنّك أيضًا لا تحبّ الكذب عليه، ثمّ صارحه بما تريد.


فإذا سألتك زوجتك مثلًا عن رأيك في صينيّة البطاطس التي لم تعجبك؛ فلا حاجة للكذب والقول إنّها رائعة. وأيضا لا تكن فظًّا فتقول إنّها سيّئة. ولكن تقول لها مثلًا: «أنت تعدّينها عادةً ألذّ من هذا المرّة.»، وهكذا تتفادى الموقف بأقلّ الخسائر.

يشير الكاتبُ إلى أنّ الأشخاص اللّطفاء يميلون عادة إلى الإسراع إلى إسداء النّصح للآخرين، وهم وإن كانوا يفعلون ذلك عن نيّة حسنة، إلّا أنّ مثل هذا التصرف قد يؤذي الآخرين في كثير من الأوقات. لما في ذلك من تقليل من شأنهم.
ولتفادي ذلك ينصح الكاتب بالابتعاد عن مشاكل الآخرين قدر المستطاع. وعدم اعتبارها مشاكلنا الشّخصيّة. ولكن بإمكانك توجيههم ونصحهم بطرق غير مباشرة وذلك بتقديم مساعدات وطرح أسئلة تلفت انتباههم.


كما إنّ الأشخاص الذين يظهرون اللطف عادةً ما يسارعون إلى محاولة انقاذ الآخرين. وكثيرًا ما تؤدّي محاولة الإنقاذ هذه إلى إضرارهم أكثر من نفعهم. فمدمن المخدّرات مثلا الذي تحاول  إنقاذه قد ينغمس أكثر في الإدمان.


فإذا كنت تعرف شخصًا يرتكب خطأ فلا تحاول حمايته بالطّرق التّقليديّة. لا توبّخه ولا تأمره. ولكن اشرح له المشكلة وبيّن له الضّرر الذي سيعود عليه جرّاء ذلك.

من الخطإ الشّائع -بحسب الكاتب- حماية من يشعرون بالحزن بمحاولة التّخفيف عنهم بالطّرق التّقليديّة؛ كأن يُتوفّى والد صديقك مثلًا فتحاول التّخفيف عنه بالتّظاهر بالقوّة  وتجاهل ذكر الموت والثّرثرة في مواضيع غير مهمّة وما إلى ذلك.


ولكن ما يجدر فعله هو إظهار تعاطفك الصّادق مع ألمه، وأن تشعره بحضورك إلى جانبه، ثمّ تتطوّع لمساعدته فعلًا وليس قولًا. وإذا أراد الحديث عن ألمه فعليك أن تشجّعه وتستمع له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى